الرئيسية أخبار إقتصادية

وزارتا المالية والتخطيط في فلسطين.. صراع الهوية الإدارية وتاريخ من الفصل والدمج

تم النشر بتاريخ : 2025-12-16

يُظهر تاريخ وزارتي المالية والتخطيط في فلسطين مسارا متقلبا من الفصل والدمج، يعكس بوضوح طبيعة التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهت السلطة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها.

المسار الطويل بلغ محطة جديدة مع القرار الرئاسي الصادر أمس الاثنين، والقاضي بدمج الوزارتين مجددا تحت مسمى “وزارة المالية والتخطيط”، في خطوة تُعيد إلى الواجهة نموذجا سبق اختباره ثم التخلي عنه.

منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، سارت وزارة المالية ووزارة التخطيط ككيانين منفصلين، وهو النموذج الذي استقر عليه البناء الإداري الفلسطيني لما يقارب عقدين.

تولت وزارة المالية إدارة الإيرادات والنفقات العامة، وتعاقب على قيادتها عدد من الشخصيات البارزة، بدءا بمحمد زهدي النشاشيبي الذي شغل المنصب بين عامي 1994 و2002، مرورا بالدكتور سلام فياض الذي تولى حقيبة المالية عام 2002 ثم خلال فترة رئاسته للحكومة بين 2007 و2012، إضافة إلى عمر عبد الرازق في عام 2006، وصولا إلى شكري بشارة الذي بدأ مهامه في حزيران/يونيو 2013 واستمر حتى 2024.

في المقابل، اضطلعت وزارة التخطيط، التي حملت في فترات مختلفة اسم وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بمهمة إدارة الخطط التنموية والمساعدات الخارجية، وقادها وزراء من بينهم نبيل شعث منذ عام 1994، ثم سمير أبو عيشة بين 2006 و2007، وعلي الجرباوي خلال الفترة 2009–2012.

التحول الأول في هذا الهيكل جاء عام 2015، حين صدر القرار بقانون رقم (17) في 19 أيلول/سبتمبر من ذلك العام، ليتم دمج وزارة التخطيط مع وزارة المالية تحت مسمى “وزارة المالية والتخطيط”.

في هذه المرحلة، استمر شكري بشارة في موقعه، ليصبح أول وزير يجمع بين حقيبتي المالية والتخطيط، واستمر في هذا الدور حتى عام 2019.

وقد رُوّج لهذا الدمج باعتباره محاولة لربط الخطط التنموية بالإمكانات المالية الفعلية، وتوحيد مساري التخطيط والموازنة في ظل ضغوط مالية متزايدة.

غير أن هذا الدمج لم يدم طويلًا، إذ صدر في الأول من تموز/يوليو 2019 القرار بقانون رقم (15)، الذي عدّل اسم الوزارة المدمجة ليعود إلى “وزارة المالية” فقط، ما أدى عمليا إلى فصل مهام التخطيط عن الحقيبة المالية، وإعادة إسنادها إلى كيان وزاري أو حكومي مستقل.

خلال هذه المرحلة، واصل شكري بشارة توليه وزارة المالية حتى عام 2024. وفي التشكيل الحكومي بقيادة محمد مصطفى، الذي أُعلن في آذار/مارس 2024، بدا الفصل أكثر وضوحا، حيث أُسندت وزارة المالية إلى عمر البيطار، فيما تولى إسطيفان سلامة وزارة التخطيط والتعاون الدولي، قبل أن تتغير المعادلة مجددا مع القرار الرئاسي الأخير.

الدمج الأحدث جاء في 15 كانون الأول/ديسمبر 2025، حين صدر قرار رئاسي يقضي بدمج وزارة المالية مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي في وزارة واحدة تحمل مجددا اسم “وزارة المالية والتخطيط”، وعلى رأسها الوزير سلامة.

ويُتوقع أن يكون هذا القرار مدفوعا بالرغبة في ترشيد النفقات الحكومية، وتوحيد أدوات التخطيط والموازنة لمواجهة أزمة مالية واقتصادية خانقة، بما يعيد الهيكل الحكومي إلى الصيغة التي كانت قائمة بين عامي 2015 و2019